الموقع المتقدِّم للدراما والموسيقى العربية

في ذكرى 13 نيسان إجهاض حرب أهلية.

 

سعت القوات لها على خلفية عملية سرقة.

=============

كتب: مالك حلاوي.

=============

عاش اللبنانيون طيلة الأسبوع المنصرم، ومنذ اختفاء المنسِّق القواتي الجبيلي باسكال سليمان، أيامًا عصيبة من القلق والخوف والتوتر، خصوصًا وأنهم استذكروا أكبر حرب أهلية تمر بتاريخ لبنان، والتي بدأت في العام 1975، وما زالت مفاعيلها على الأرض حتى تاريخه.

فمنذ لحظة اختفائه، أشاعت أوساط “حزب القوات اللبنانية” أنه مختطف وعلى خلفية سياسية ومن قبل جهة واحدة “معروفة” كما يسمونها بداية، وقبل أن يجري تداول اسمها بعد ذلك من هنا وهناك بعيدًا عن التصريحات الرسمية.

حصل ذلك ليوم أو يومين، بالرغم من إمساك الجهات الرسمية للملف وإعلان كل الأجهزة الأمنية من مخابرات جيش وقوى أمن ومعلومات وخلافه أنه “مختطف” على خلفية السرقة لا خلفيات سياسية، وأن الخاطفين من التابعية السورية، وأنه جرى إلقاء القبض على بعضهم وجاري ملاحقة البقية، لكن ا”لرواية القواتية” أصرَّت على عدم قبولها برواية القوى الأمنية التي لطالما تشدقت بالاحتكام إليها في مختلف المناسبات، ومع القوات سارع “حزب الكتائب” ومعه كامل شلة الحاقدين والمتربصين لحزب الله على اتهام الأخير علانية بالاختطاف، والاستثمار بها قبل أن يتم إعلان مقتله ومنذ اللحظة الأولى لاختطافه.

وبدلًا من أن يبتلع هؤلاء ألسنتهم، باعتبار أن أي حزب وأي جهة تريد اختطاف شخص لأسباب سياسية لا بد أن تحميه بحدقات أعين الخاطفين، باعتبار أنها تريده سالمًا للضغط، أو لاستخراج معلومات أو لأي سبب آخر… أما رواية الجيش لكيفية مقتل باسكال فكانت جازمة: عملية سرقة قاوم فيها باسكال اللصوص فضربوه على رأسه ما تسبب بنزيف أدّى إلى مقتله، ولم يكن القتل من ضمن أهدافهم وذلك حسب اعتراف الموقوفين منهم…

ولا أدري ما هو المثير للسخرية في هذه الرواية الرسمية التي سارع كل من يعادي المقاومة اللبنانية إلى السخرية منها، وباتت الجهة المنغمسة في مقاومة العدو الصهيوني جنوبًا متفرغة لإجراء عملية اختطاف في كسروان أو جبيل أو شمال لبنان باعتبارها قضيتها المركزية التي ستُكسبها معاركها مع الخارج والداخل، والأكثر غرابة لا بل “غباوة” الإعلان بأن وصول السيارة إلى حمص من الحدود الشمالية اللبنانية ما كان ليتم لولا أن هذه الحدود ممسوكة من الحزب، حيث اختلطت على هذه القيادات الغبية حدود لبنان ومناطق السيطرة….!ّ

ومن العجائب أيضًا أن رواية الجيش لم تُقنع حتى من هم أمثال اشرف ريفي الضليع بالأمن ومن هنا كانت عبارة السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير حول الكتائب والقوات و”من يشد على مشدهم” فالأخيرون هم الأبواق التي تتبنى الرواية القواتية لا لشيء إلا لكونها تصوِّب على المقاومة…

نعود للقول أن هذه الأجواء عشية الثالث عشر من نيسان/ابريل العام 1975 أعادت لمن عاشها هاجس الحرب الأهلية، والتي أسهم في نفخ أبواقها رئيس حزب القوات سمير جعجع، حين قام بلعبة “ضربة على المسمار وأخرى على السندان” تارة بتأكيد كون الجريمة سياسية، وطورًا بالقول لمناصريها إن عليهم الخروج من الشوارع التي انتشروا فيها وتعرضوا بالضرب ليس للسوريين من النازحين وغير النازحين فقط، بل لكثير من اللبنانيين وعلى خلفيات طائفية ومذهبية، كما هي عادتهم منذ حاجز البربارة إلى شوارع برج حمود بالأمس.

إن ما أجهض محاولة القوات اللبنانية و”من شدّ مشدهم” لعودة الحرب الأهلية هو أولًا الجيش اللبنانية، الذي استدعاه حزب الله تحت عنوان واحد “نحن لن نتدخل مهما حصل والأمر لك” وهذا ما حصل، وكان انتشار الجيش حول الضاحية أول الغيث، وبعدها جرى التعميم على الحزبيين والمناصرين: “المعركة ليست معنا بل مع الجيش” طالما أن الطرف الآخر لا يعترف بصدقيِّة الجيش في تحقيقاته الجليَّة والتي لم تعد تقبل اللبس.

ولم تكتفِ قيادة الجيش بطمأنة الحزب ومعه دولة الرئيس نبيه بري، الذي كان من أكثر الساهرين على ضبط الشارع، بل توجّه يوم الخميس، أي اليوم الذي سبق تشييع الجنازة، حيث جرى الإعلان أنها ستكون “جمعة غضب” وانتقام! توجه برسالة صريحة إلى البطريرك الراعي بأن عليه لجم سمير جعجع، وهكذا كان، فجاءت الرسالة خلال الجنازة على لسان البطريرك كما نقلها له قائد جيش وأوصلها إلى جعجع ومحيطه:

  • البطريركية المارونية تتبنى رواية الجيش اللبناني في قضية مقتل المغدور باسكال سليمان..

ونقطة انتهى.

وهكذا جرت عملية اللجم ومرَّت كل عنتريات جعجع “ومن شد مشده” كما الزوبعة في الفنجان لسبب أخير ألا وهو:

  • أنهم هم أنفسهم أول من يعلم أن باسكال سليمان كان ضحية عصابة إجرام وسرقة ومن التابعية السورية، والذين ما كانوا يعلمون لا هويته ولا انتماءاته.

 

Print Friendly, PDF & Email
Share