الموقع المتقدِّم للدراما والموسيقى العربية

الإرهابي مبسوط وإطلاق بقية الذئاب

 

معالي الوزيرة هذا ليس حادثًا فرديًّا.

==============

كتب: مالك حلاوي

=============

عندما تخرج ريَّا الحسن، معالي وزيرة الداخلية اللبنانية، في أول تجربة لها مع عملية إرهابية بحجم عملية الإرهابي عبد الرحمن مبسوط في طرابلس، والتي استمرت منذ ليل أمس حتى فجر اليوم، لتقول إننا أمام حادثة فرديَّة، وبجانبها مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان صامتًا ومن ثمَّ في شبه تبنٍ للكلام، فهذا يعني أننا ما نزال في المربع الفارغ للتعامل مع هكذا قضايا…

فما قام به مبسوط، وحسب أكثر من فيديو له قبل تنفيذ العملية، يؤكِّد أننا أمام عملية إرهابية داعشية مخطَّط لها بعناية، وأن ما يُعرف بعمليات “الذئاب المنفردة” في أجندة الإرهابيين وفي مقدمهم ما يُعرف بتنظيم “الدولة الإسلامية- داعش”، هي العنوان العريض لأهم عمليات الإرهاب في العالم اليوم، قد انتقلت للمرة الأولى بصورة علنيَّة وخطيرة إلى لبنان، بعد سقوط “الدولة” في معاقلها الأساسية وعودتها إلى العمل السري أو “الخلايا النائمة”، بانتظار إعادة تنظيم صفوفها واختيار المكان المناسب لحلمها الذي لا ينتهي إلا بنهاية هذا الفكر الإرهابي، والذي ما يزال مدعومًا من دولٍ وجماعاتٍ وأفرادٍ ما زالت تجاهر أو تكتم مبادئها التي تقول إن هؤلاء (عبد الرحمن مبسوط وأمثاله) هم من “أبطال أهل السُنَّة” وإنهم قاتلوا ويقاتلون لنصرة الدين وووو…!

إن ما حصل في طرابلس بالأمس أثبت أن المدينة العريقة لم تكن يومًا ولن تكون حاضنة لهذا الإرهاب، وقد ظهر ذلك جليًّا من خلال ما قام به هذا “الذئب المنفرد” وبقي منفردًا حتى تفجير نفسه، رغم محاولاته البحث عن أي تغطية من أي نوع لتهريبه من مكان الحادث، ولم يناصره أو يسعفه إلا حزامه الناسف الذي أنقذه وسرَّع في عملية انتقاله إلى حيث يُفترض  (جهنم وبئس المصير)، وهذا ما سيحصل في غالبية المناطق اللبنانية، لكن ذلك لا يعني أن هذه الخلايا النائمة ومن يناصرها بالفعل قد انقرضوا في لبنان بل هم موجودون ويجب أن تبقى العين عليهم:

إنهم موجودون في العديد من الجحور، وهم من أمثال مبسوط الذين خرجوا من السجون بأحكام غريبة مخفَّفة لا تنسجم مع أدوارهم وجرائمهم (13 شهرًا أمضاها هذا الإرهابي المُدان بانتمائه لداعش وقتاله مع التنظيم وتنقله بين الرقة وإدلب وتركيا)  وهم موجودون بين زحمة الأهالي  الذين يخرجون بين يومٍ وآخر للمطالبة بإطلاق سراح أمثال مبسوط من السجون، وفي مقدمهم “مشايخ الإرهاب” المعروفون لدى الدولة، والذين يجاهرون بالمطالبة بإطلاق “بقية الذئاب” من السجون بعفو عامٍ، وهذا هو الخط الأحمر الذي على ريا الحسن وغيرها إدراكه اليوم، والتراجع عمَّا قالته: “إن ما حصل في طرابلس أمس حادثة فرديّة وضعنا حدًا لها ونتمنّى ألا تتكرّر”…. فما حصل ليس فرديًا يا معالي الوزيرة، وعدم تكراره لا يؤخذ بالأمنيات بل بخططٍ كبيرة لا تقتصر على مراقبة المشبوهين من “أفراد ومشايخ وجماعات” بل برصد هذا الفكر وكيفية تناميه في مجتمعاتنا.. وإيقاف الخطابات الطائفيَّة والمذهبية في المساجد هي اللُبنة الأولى في هذه الخطط وهي كفيلة بعدها بتجسيد مقولة: “إننا مستنفرون لأي حادث في المستقبل” كما عادت وصحَّحت ريا الحسن، بعد توجيهها من قبل أسئلة الصحفيين لما يتجاوز “غلطة الحادث الفردي”.

بقي أن نذكر أخيرًا أن هذه العملية الإرهابية المدبَّرة في طرابلس ليل ¾ حزيران “يونيو” 2019 ليلة عيد الفطر المبارك، قد أدَّت لارتقاء أربعة شهداء من العسكريين، إثنان من الجيش اللبناني وآخرَين من قوى الأمن الداخلي.
وأختتم بما قاله بيان نقابة المحررين ولاقاه الكثير من البيانات وفي مقدمهم كلام للمفتي أحمد قبلان:

إن ما جرى مؤشّر خطير يؤكِّد أن الخلايا الإرهابية ما تزال موجودة، وخطرها قائم، وقد يكون في أي لحظة وفي أي منطقة من لبنان، ولا بد من اتخاذ كل التدابير والإجراءات الكفيلة باجتثاث هذه الفئة الضالة والمجرمة.

Print Friendly, PDF & Email
Share