الموقع المتقدِّم للدراما والموسيقى العربية

عباءة الملك عبدالله أو “القمصان السود” و سجال الحريري- جنبلاط

قالها جنبلاط بالفم الملآن:

لو كان عندنا جمهور يحاسب الزعماء

لما ظل جنبلاط والحريري في موقعيهما

وهو يعني كل زعماء 14 آذار وجمهورهم

 ================

كتب: مالك حلاوي

================

هي بلا شك تداعيات اغتيال اللواء وسام الحسن المدوية، والتي بالطبع كانت بمثابة الزلزال الذي يحاكي زلزال اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لكن الجديد في هذا الزلزال أن قوى الرابع عشر من آذار لم تستطع استثماره على طريقة الزلزال السابق بالرغم من محاولاتها الدؤوبة التي بدأت عشية الاغتيال، وما تزال المحاولات جارية وإن متقطعة الأنفاس ودون جدوى كما أثبتت كل الوقائع…

وإذا حذفنا من الاعتبار ما حصل “ليلة القبض على زوجة نديم قطيش متلبسة بتحريض زوجها على اقتحام السراي”، بالرغم من أن تداعيات هذه الليلة تجاوزت كل الحدود بحيث أسقطت كل أوراق إسقاط الحكومة من أيدي “المعارضة” محلياً وسط الغطاء الشرعي لدار الأفتاء، ودولياً وسط الكلام العربي الواضح للسفراء الغربيين، ربما لأنهم أرادوه كلاماً عنهم وعن الصامتين من العرب ممن هم قابعون تحت ظل العباءة السعودية، أو الآخرين المحرومين من نعمتها أو المهددين بسحبها من فوقهم حيث تقيهم  حرارة الشمس الصحراوية وبرد ريحها الأكثر إيذاءٍ…

ومن تحت هذه العباءة نتلمس أهمية السجال الحاد الذي أخرج برنامج “كلام الناس” الأخير من كل عناوينه العريضة التي طرحها مارسيل غانم في حملته الترويجية للحلقة، لصالح عنوان واحد هو “السجال بين ضيف الحلقة الزعيم وليد جنبلاط ونجم التويتر دولة الرئيس السابق سعد الحريري”…

هي عدة عبارات يتجسد فيها “المختصر المفيد”

وليد جنبلاط يذكر أن سعد الحريري طرح أمامه أن وسام الحسن هو شهيد السنة في لبنان، ويبدو أن الحريري كان كغيره من السياسيين متسمراً أمام الشاشة، لأهمية كل كلمة سيقولها زعيم المختارة (بيضة قبان الحكومة والبرلمان وترجيح الأكثرية)
فرد سعد الحريري على وليد بيك عبر شبكة «تويتر» المفتوحة على البرنامج عبر IPod المحاور مارسيل غانم  بعبارة شكلت أكثر من مفاجأة وكأن الحريري حسم أمره بفك التحالف مع جنبلاط متهماً إياه بالكذب ومدوناً على التويتر: «هذا كذب من قال إن الحسن شهيد السنة هو حليف جنبلاط رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وسام الحسن شهيد لبنان».

فما كان من غانم إلا أن نقل الكلام بحرفيته لجنبلاط الذي بدا في غاية التوتر قائلاً: “حسناً إذا كان ميقاتي من قالها فهي غلط لنتفق إذن إن الحسن شهيد الوطن”..

هذا السجال لم يقف عند هذا الحد بل استمر لدقائق وأبرز ما فيه هو الرد على كلام جنبلاط من أن الحريري طلب منه الإستقالة من الحكومة بعد الحادث مباشرة، فكان الرد بأنه لن يستقيل حفاظاً على استقرار البلد، وهنا رد الحريري: « يبدو أن الاستقرار بمفهوم جنبلاط أن يبقى هو ضمن التحالف السوري ـــ الإيراني فمبروك عليه»، وكالعادة نقل له مارسيل غانم العبارة فرد جنبلاط ” ماشي الحال هكذا صارت الأمور واضحة”… فحاول مارسيل الإستفسار أكثر لكن جنبلاط بقي عند إيحائه بأن هذا الكلام يوضح تموضع الأطراف مستقبلاً..

جنبلاط الذي ذكَّر الحريري بالطلب منه في السابع من أيار2008 “قطع طريق الناعمة” ورفضه للأمر بسبب انعكاساته على تأجيج الفتنة، فجَّر بذلك أكثر من قنبلة، مشيراً إلى الكثير من عمليات البيع والشراء أو الترغيب والترهيب في سياسة فريق الرابع عشر من آذار، واضعاً الإصبع على الجرح ومجيباً عن سؤال لطالما سأله الكثير من الناس عن سر احتفاظ هذه القوى بشعبيتها رغم كل الانحراف الحاصل في نهج قياداتها، والتي تتكشف فصولها يوماً بعد يوم (وما وثائق ويكليكس إلا الغيض من فيض هذا الإنحراف) حيث اعتبر أن الجمهور يمشي مع هذه القيادات كيفما سارت،  وكي لا يستفز بقية الأفرقاء اكتفى بتسمية نفسه والحريري ليقول: “لو كان هناك جمهور يحاسب محاسبة حقيقية لما ظل جنبلاط والحريري في موقعيهما”… وهو بالطبع يعني كل زعماء 14 آذار وجمهورهم، لأن ما نراه في ارتباط جمهور هذا الفريق بقياداته يثير العجب فعلاً وسط كل الفضائح المتعاقبة، وعلى خلفية عدم المحاسبة كما قال جنبلاط، لكنه عاد ليصحِّح إن الأمور لن تبقى كذلك وإن الناس لا بد أن تحاسب بعدها..

هذا الكلام سبقه أو أعقبه (لست أذكر) ما هو أهم بكثير من سجال الحريري جنبلاط على التويتر، والذي لا يخرج كثيراً عن فحوى هذا السجال ويتمثل بالكلام عن العلاقة مع المملكة العربية السعودية وتحديداً عن اللقاء الموعود بين الملك عبدالله والزعيم وليد جنبلاط، ففي سياق الحوار أكد جنبلاط أن تلقى أكثر من وعد باللقاء مع الملك ودائماً من باب “استقل من الحكومة ربما نستطيع أن نفتح لك الباب للقاء الملك”، أو القول إن جنبلاط نفسه لن يقدِّم استقالته كرمى لعيون الحريري، بل هو يسعى لتقديمها مقابل اللقاء بالملك أي أنه يبيعها للملك نفسه لا للحريري او للوسطاء من فريق الرابع عشر من آذار…

لعبة البيع والشراء هذه  السائدة في هذه الأوساط، والتي قالها جنبلاط بلسانه قبل أن يتداركها ويقول إنها ليست تحديداً مسألة بيع وشراء بل مفاوضات، وإن يكن قد أنكر أنه هو من يضع استقالته برسم البيع ولكن للشاري الوحيد الملك عبدالله، أي لمن يستطيع أن يدفع ثمنها، فضح أمامنا زيف الشعارات التي يرفعها أقطاب هذا الفريق ويقذفونها بوجه الآخرين، ولتفهم وربما يفهم جمهورهم الذي بات عليه اليوم أن يحاسب لا أن يمشي في ركاب الفتنة مغمض العينين، ان يفهم أكذوبة “القمصان السود” التي قيل أنها تسببت بولادة الأكثرية الجديدة، وهي أكذوبة لم تؤكدها أية وقائع فيما خص تأثيرها على قرارات جنبلاط، وإلا لكان عليه، وبفعل الخوف من تهديد “القمصان السود” الخروج من جبهة والانضمام إلى جبهة أخرى، بينما هو خرج ليقف في الوسط وما يزال كذلك،  ليعترف اليوم هو والحريري والكل بأن هناك من يرفع عباءة الملك عبدالله كسلاح تهديد لإسقاط الحكومة وللتأسيس لأكثرية جديدة، وهذا أمر لم يعد يحتاج إلى إثباتات أو “ويكليكس”..

فعباءة الملك عبدالله التي تغطي الخليج ويعمل  العرَّاب الإقليمي لقوى 14 آذار بندر بن سلطان عليها، بالترهيب أكثر من الترغيب، لتكون غطاءً عربياً كاملاً، لا يمكن أن تقاس بأي شكلٍ من الأشكال بعشرين أو مائة شاب بقمصان سوداء في زاروب من زواريب بيروت..

Print Friendly, PDF & Email
Share