الموقع المتقدِّم للدراما والموسيقى العربية

ضمن مشروعه المستمر لتأجيج الفتنة الشيعية السنية والذي بدأ في السابع من أيار2008


سمير جعجع يستبق كل التحقيقات

بإعلان حزب الله منفذاً لجريمة اغتيال الحسن

===========

كتب: مالك حلاوي

==============

منذ خروجه من السجن بأكثر من تهمة، كانت تهمة تفجير كنيسة سيدة النجاة هي “قشتها التي قصمت ظهر البعير”، وبالرغم من أن صفقة البراءة التي تمت بهذه الجريمة لم تشمل الجرائم الأخرى (من قتل طوني فرنجية وأسرته إلى الرئيس رشيد كرامي مروراً بداني شمعون وأسرته) فقد جاء خروج رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع إلى الحرية بدايةً من باب التوبة، التي بوشر بالترويج لها على أساس أنه قضى عقده في السجن بالبحث والتأمل ومراجعة الحسابات، منذ ذلك التاريخ وجعجع لا حلم ولا طموح لديه سوى رئاسة الجمهورية على أساس انه طالما يحق للرئيس بري (وهو برأيه قائد ميليشيا حركة أمل) أن يكون على سدة الرئاسة الثانية، فإن من حقه هو (كقائد لميليشيا القوات) احتلال الرئاسة الأولى، والتي رفض أي منصبٍ آخر في كل الحكومات المتعاقبة بعد الطائف لأجلها، وليس تعففاً عن المناصب أو كموقفٍ من تلك الحكومات. جعجع قال مراراً (وهذه حقيقة برأينا) أنه دخل السجن بسبب مواقفه هذه من عدم الإنخراط في تلك الحكومات، والعارفون ببواطن الأمور يعلمون جيداً أن مشروع الدولة القائم منذ ما بعد الطائف لم يكن مقبولاً لديه، وهو أكبر المنظرين للمشاريع الفيدرالية إن لم تكن على الطريقة الأمريكية (ولايات مستقلة) فعلى الطريقة الإماراتية، وهذا هو مشروع القوات اللبنانية الدائم، وليس يبدِّله إلا تولي السلطة على كل لبنان من قبل القوات نفسها، أي تبعاً لديكتاتورية تحاكي الديكتاتوريات العربية، وإلا التقسيم وإقامة الدولة المسيحية…

يقول جعجع إن مشروعه هذا غير مقدَّرٍ أن يُكتبَ له النجاح بدون تضارب القوتين الإسلاميتين على الساحة اللبنانية (الشيعة والسنة) وهو لطالما عمل على هذا المشروع، الذي كاد برأيه أن يتحقق خلال أحداث السابع من أيار 2008، يومها قام بزيارةٍ إلى السفارة الأميركية في عوكر، طارحاً من جديد إعادة الروح إلى خطوط التماس، عبر فكرة نشرِ قوات عربية لحفظ السلام في لبنان معلناً، وحسب ميشيل سيسون في حينها « أن لديه بين 7000 إلى 10000 مقاتل على استعداد للتحرك إذا توفرت لديه الأسلحة» وذلك لعزل المنطقة الشرقية  ومنع حزب الله من اجتياحها، طالباً « دعماً أميركياً بالعدة والعتاد عبر عملية إمدادٍ برمائية»….

هذا الكلام (عن اجتياح المناطق الشرقية من قبل حزب الله)، والذي راج في يوم 8 أو 9 أيار (إن لم تخنني الذاكرة) وبدأ الكثير من العائلات المسيحية بإخلاء منازلهم على خطوط التماس،  بعدما روجت “القوات” في أوساطها إشاعات، عادت لتأخذ مداها أكثر مع  تصريحات للنائب “القواتي” أنطوان زهرة أن عملية اقتحام المناطق الشرقية عبر محور عين “الرمانة-الشياح” سوف يسبقها، ومن قبل حلفاء “حزب الله” تحركات ميدانية في ثلاث مناطق مسيحية هي: ساحل المتن الشمالي، ضهور الشوير ومحيطها، إلى الكورة والبترون شمالاً، وذلك  لفصل محافظة الشمال عن باقي المناطق، ملمِّحاً إلى “الحزب السوري القومي” ومعه مجموعات من  “التيار الوطني الحر” ستقوم بهذه التحركات، ليرد عليه الجنرال ميشال عون يومها بمطالبة المسيحيين بالاطمئنان، وأن بإمكانهم النوم على الطرقات، واعداً وعلى مسؤوليته أن المناطق الشرقية ستبقى بمنأى عن عملية حزب الله المحدودة في بيروت للأسباب المعروفة… وهذا ما أثبتته الوقائع بعدها..
ومع إحباط كل محاولات تأجيج الفتنة يومها من خلال دعوة الجيش للتدخل ضد حزب الله والقوى المساندة، وكانت النائبة ستريدا جعجع قد نقلت هذا الطلب رسمياً،  أو محاولات التدخل لكسر الحصار عن السراي وعن قريطم يومها، اكتفى الدكتور جعجع بالبيان الختامي لمعراب والذي ذكرنا ببيانه بالأمس بعد فشل اقتحام السراي بسيلٍ من الاتهامات لحزب الله، اعتبر فيه “ما جرى في بيروت ومحيطها ومطارها الدولي بالإنقلاب المسلح الذي نفذه حزب الله ضد الدستور واتفاق الطائف وميثاق العيش المشترك…” مبقياً على نظريته بأن مشروعه التقسيمي بدا يومها برأيه وبرأي أنصاره أكثر ضرورة، باعتبار حزب الله بات مسيطراً على الجزء الإسلامي من لبنان، ولا بد للجزء المسيحي منه أن يمارس استقلاليته وسيادته على مناطقه…

اليوم عادت نفس “الفرصة” برأي جعجع، لا بل أن أدواتها باتت أكثر جهوزية مع ترسانة السلاح التي باتت واضحة للعيان بأيدي “الإسلاميين السنة” في لبنان، مدعومين بإسلاميي سوريا، والدعم اللوجستي الكبير عربياً وتركياً، وبوجود “صقور المشروع الجهادي أو السلفي” من الأسير في صيدا إلى الضاهر وكبارة والمرعبي شمالاً، ممن باتت هذا الفتنة زادهم اليومي، وعلى هذا الأساس كانت عملية اغتيال الشهيد اللواء الحسن هي مفتاح الشهية لتأجيج الفتنة بالقول صراحة “إن الشيعة ممثلين بحزب الله هم من قاموا بتنفيذ الجريمة”.

جعجع، الذي ساءه أن يرى الأمور تأخذ منحاها الإيجابي،  بعد كل ما جرى على الأرض ومحاولة لملمته، والدعم الغربي للحكومة وللاستقرار في لبنان، أطل من بوابةٍ عربية باتت الأكثر تأجيجاً للصراع،  في تصريحات لـصحيفة “الوطن السعودية” ليقول: “إن النظام السوري هو من خطَّط، بضلوعٍ إيراني، وتنفيذ من حزب الله”…

إن هكذا كلام في هكذا توقيت لا يمكن تناوله إلا من باب إعادة الأمور إلى نقطة الصفر بعد الجريمة الكبرى التي حصلت في الأشرفية، والتي يعرف دهاليزها جعجع والسفارة الأمريكية وعملاء الموساد أيضاً أكثر بكثير من “حزب الله”، الذي كان أول من اعتبر الجريمة “إرهابية”، والحزب لم يعودنا على فقدان مصداقيته بهذه السذاجة، إلا إذا تكشِّفت بعدها وقائع (ربما يعمل عليها الـFBI) تدين حزب الله بالجريمة، تحاكي اتهام الحزب بجريمة اغتيال الشهيد جبران التويني، التي عادت لتتكشف خيوط تزوير وثائقها من خلال أقرب الناس إلى القوى التي روجت لها..

في الخلاصة  وبرأيي المتواضع، بناءً على اتهامات جعجع المتسرعة، فهو بلا أدنى شك ضالع في جريمة اغتيال الحسن، وهو كان أول المستفيدين منها في حال نجحت خطة اقتحام السراي الحكومي، والتي لم يعد تورط “قواته” فيها محل شك، وهي جريمة يقول أحد كبار الأمنيين (في تحليلٍ سابق على موقعنا) كان مخططاً لها لتكون طريقه لرئاسة البلاد، ولا ننسى اجتماعاته مع سعد الحريري في المملكة العربية السعودية وبرعاية بندر بن سلطان، والتي أفضت إلى هذا التفاهم بعدما كان الحريري من الرافضين لمشروع جعجع (الخمسين دائرة) وعاد ليقبلها من ضمن التفاهم المشترك والتام على الرفض النهائي لمبدأ النسبية، العائق الأكبر أمام تنفيذ مشروع “الأكثرية البرلمانية الجديدة” لقوى 14 آذار، والتي ستُنتج هذه المرة، وحسب تصريحات جميع أقطابها، نظاماً جديداً أو جمهوريةً ثالثة تؤسس لها هذه القوى تبدأ برئاسة الجمهورية (لجعجع) وتصل إلى رئاسة البرلمان (الذي لم يعد رئيس الجمهورية الموعود يتحمل نبيه بري على كرسيه) مروراً برئاسة حكومة “مستقبلية” يقوم السنيورة فيها بتهيئة الأرض لسعد الحريري على رأس حكومة أكثر استقراراً…!

Print Friendly, PDF & Email
Share