الموقع المتقدِّم للدراما والموسيقى العربية

نحن نختلف مع حزب الله.

 

وهذه نقاط الاختلاف الكثيرة..

لكن .!

===============

كتب: مالك حلاوي.

==============

في البداية أعتذر ممن سأعتبر نفسي ناطقًا باسمهم، في حال كانوا على تعارضٍ مع ما سأطرحه في هذه المرحلة التي تحتاج منَّا جميعًا المزيد من الدِّقة في تحديد مواقفنا وانتماءاتنا وأفق العلاقة بيننا وبين كل المكونات الوطنيَّة في هذا البلد الجريح- المستهدف بكل معنى الكلمة…

كنت سأتكلم بصيغة المفرد لولا بعض المواقف التي أطلقتها أخيرًا ورأيت الكثير ممن يؤيدونني بها فأحببت التعميم باسمهم لأننا بالفعل نشكِّل كتلة كبيرة من “جمهور المقاومة”، بحيث يتعامل معنا كل من حولنا من الجمهور الآخر بعبارة “أنتم” وهم يقصدون “نحن جماعة حزب الله” وبعضهم أننا “نحن حزب الله”: غالبيتهم جمهور وطني وصديق وممن يمكن التعامل والحوار وأحيانًا الحوار الساخن بيننا وبينهم لكن على أساس “الخلاف في الرأي لا يُفسد في الود قضيَّة” وهكذا يجري التعامل معهم عادة سواء وصلنا أو لم نصل إلى جوامع مشتركة فيما بيننا، وبعضهم القليل  من أصحاب الأفكار المعلَّبة المقفلة والطروحات المؤذِية والشعارات والردود الطائفية والمذهبية أو حتى الحزبيَّة والعقائدية العدائية، وهؤلاء يوجد أمثالهم الكثير في صفوف المحور الذي يجري تصنيفنا أننا ننتمي إليه، وقبيل الانتقال إلى حقيقة انتمائنا هذا، أقول هؤلاء وأولئك – أصحاب الأفكار المعلَّبة والمقفلة من الفريقين هم علة العلل في وطننا، وهم من يجرّنا إلى القاع بعنصريتهم أحيانًا وبغبائهم بشكلٍ أكثر، خصوصًا وأن بعضهم في مواقع “مسؤولة” تترك أثرها على الشارع العام، فتُسهم في جرّه إلى التطرُّف والصدام مع الشارع الآخر…

الانتماء للحزب:

أمام نعتي بالانتماء جوابي غالبًا للبعض المقفل والمعلَّب يكون بالعبارة التالية: “إن انتمائي لحزب الله شرفٌ لا أدَّعية وتهمة لا أنفيها”… أما للآخرين من أهل الوعي فهناك أكثر من إجابة حول ما أختلف وما اتفق فيه مع “الحزب” وهذا ما يلاقيني عليه الكثير الكثير من الأصدقاء غير المنتمين والمؤيدين حتى “الثمالة” إن شئتم لهذا الحزب ولكن وللإيضاح:

  • نحن ننتمي لمقاومة حزب الله والتي أثبتت نجاعتها في مواجهة العدو: من التحرير الجزئي (بانتظار ما تبقى)، إلى انتصار تموز، وصولًا إلى تثبيت معادلة الردع، وهي برأيي أهم من التحرير والانتصار لأنها رسَّخت استراتيجيًّا الأمرين معًا (فكرة التحرير من خلال العمل المقاوم الصادق والرصين، والانتصار في المواجهة المباشرة- إن أعددتم لهم… وهذا ما حصل).. وفي الشق الآخر من المقاومة المستجدَّة نحن مع انتصارها على الإرهابيين إن على الحدود اللبنانية السورية أو في الداخل السوري أو في أي مكان تواجدوا فيه (اغْزُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يَغْزُوكُمْ فَوَاللَّهِ ما غُزيَّ قومٌ قطُّ في عقر دارهم إلَّا ذَلُّوا)، وترجمة هذه الرسالة من خطبة جهادية للإمام علي بن أبي طالب، اختصرها سيد المقاومة حسن نصرالله بعبارة “سنكون حيث يجب أن نكون”، وكلمة “حيث يجب” بحدِّ ذاتها لم يجرِ فهمها من غُلاة المعادين للمقاومة، حتى ممن يدَّعون أنهم “استراتيجيون”، ومعناها حيث تُلزمنا ظروف المواجهة وحماية شعبنا لتحقيق النصر، وليس من باب الهواية أو الاستكبار أو التبجح…

خلافنا مع الحزب:

وسط هذا التأييد أو الانتماء (سُّموه ما شئتم) يسال الكثيرون عن نقاط الاختلاف مع الحزب وهنا أقول إنها كثيرة، والأهم أنها لم تكن مُلزمة لنا في إعلانها خلال الظروف السابقة من المواجهات مع هذا العدو أو ذاك، لكننا اليوم بتنا بأمسِّ الحاجة لإظهارها، ليس من باب التبرير للآخرين بأننا غير منتمين للحزب، بل لأن الانتماء للوطن يفرض علينا توجيه البوصلة علّ الحزب نفسه وفي رأس هرمه سماحة السيد حسن نصرالله يسمعنا قبل الآخرين.. ولسماحته إذا جاز لنا التخاطب معه مباشرة أو بالأحرى إذا كان لسماحته أن يسمع خطابنا نقول:

  • في الماضي وفي تحالفاتكم الانتخابية للمجلس التشريعي ارتكبتم عشرات الأخطاء وكنَّا على طرفٍ نقيضٍ معكم (انا شخصيًّا لم اشارك في أي انتخابات للأسباب التي سبق وأعلنتها وسأعلنها) وأول الأسباب عدم الإصرار على القانون الانتخابي السليم حين كنتم قادرين على فرضه وكان هذا من واجبكم، لكنكم آثرتم تجاوز ذلك والتحالف مع من لا يمكن التحالف معهم، وكان تبريركم أنه حصل تحت أكثر من ذريعة نعتبرها واهية: من الرغبة في تحقيق أكثرية نيابية إلى تحاشي الفتن الطائفية والمذهبية وما إلى ذلك… من هنا نخالفكم ونحن نسعى اليوم لتغيير في هذا النهج الذي اتَّبعتموه أيضًا في الانتخابات البلدَّية والاختيارية، وهي انتخابات برأينا لا تقل شأنًا، وفيها تحالفتم حتى مع أشخاصٍ أو عائلات مشبوهة بالتعامل مع العدو، لمجرد حصد البلديات لكم مرة، بمواجهة حليفتكم (حركة أمل) ومرة بالتحالف معها، وفي الحالتين (وهذا الأخطر) اخترتم من طرفكم أشخاصًا معدومي الكفاءة والمناقبيَّة وحتى الحضور الشعبي والإنساني في قراهم وبلداتهم، على حساب أصحاب الكفاءات من “جمهور المقاومة غير المنتمين” لخشيتكم من عدم تلبيتهم لكافة رغباتكم في الاستحقاقات الداخلية، وهذه برأيي قمة إخفاقاتكم، ومحط تغطيتكم للفساد الإداري بعلم أو بغير علمٍ منكم أو من قياداتكم.

وأنتقل من هذه المسألة إلى الاقتصاد وأقول:

  • اليوم وفي عزِّ الأزمة الاقتصادية، وفي وقتٍ يمكن فيه لمناطقكم أن تكون من أهم المناطق الحيويَّة اقتصاديًّا على المستوى الزراعي، الذي استيقظتم عليه أخيرًا مع انتشار الكورونا، ولكن ليس بالقدر الفاعل… فلو كنتم أصحاب رؤية في هذا المجال لكنا اليوم أما مصدر لإهراءات لا تنضب محليًّا، ومزارع تُغنينا عن هذه الطفرة في أسعار الخضار واللحوم والدواجن والألبان وما شابه، ولن أنظِّر كثيرًا بل يمكنكم العودة إلى مهندسيكم الزراعيين في هذا المجال ليقولوا لكم كم من الأيدي العاملة كنتم ستقدمون لها فرص العمل داخل قراها ومزارعها وكم من “الغلال” كانت بين ايديكم اليوم وسط الحصار المفروض علينا…

وإلى المرفق السياحي وهذا برأيي أخطر إخفاقاتكم أعلن:

  • إن منطقة الجنوب بعد التحرير كان من الواجب أن تكون من أهم المناطق السياحية في لبنان، فاكتفيتم بمعلم مليتا (على أهميته) ولكنكم جعلتم منه بقعة جرداء معزولة لا سياحة حوله ولا في محيطه ومحيط محيطه، وصولًا إلى ما يسمونها “بوابة فاطمة” أو “معتقل الخيام” أو أنصار…أو الوزانة… كلها محطات يرغب اللبنانيون قبل غيرهم من خارج لبنان بزيارتها، لكنكم هنا انشغلتم بمنع زجاجة البيرة أو طول “التنورة النسائية” على حساب هذا المرفق الاقتصادي الضخم، فأدخلتم أنفسكم في “زواريب” لو تماديتم فيها لخلقتم من بينكم “داعشية جديدة” لا طاقة لكم على ردعها في المستقبل البعيد.

أخيرًا أعود إلى الفساد وهو مرتبط مع الحراك الذي انطلق في السابع عشر من تشرين أول (أوكتوبر) 2019 ونحن اليوم على قاب قوسين من سنويته، في هذا المجال أختتم:

  • هنا أسألكم ألم تقولوا إنكم كنتم من أوائل الذين نزلوا إلى الشارع بتاريخه، ثم أليست شعاراته المطلبيَّة الأولى هي شعاراتكم: من الجوع إلى استعادة الأموال المنهوبة فالمطلب الأساس لتصحيح مسار الوطن، الذي نقول دائمًا لا قيامة له من دونه، وأعني به إلغاء الطائفية السياسية، وهذا لن يتحقق من دون المطلب الأهم المطروح من الحراك وهو: قانون انتخابي عصري وجديد على أساس النسبيَّة ولبنان دائرة واحدةوبعيدًا عن القيد الطائفي… نعم الحراك انحرف عن مساره فماذا فعلتم: خرجتم منه لا بل جعلتم (بعلمٍ أو بغير علم منكم) جمهوركم معادِيًا وصِداميًّا معه، لكن ماذا فعلتم لتصويبه.. لماذا قوة المواجهة مطلوبة وعملون بهديها في الكثير من المحطات، لكنكم اخترتم الهروب هنا في محطة هي أهم اهتمامات الشعب، كل الشعب اللبناني؟…

مع كل هذه الانتقادات وليس تزلفًا بل قناعةً… هذه أهم إخفاقاتكم على الصعيد الوطني لكنني (ولكننا) لن نتراجع عن التصاقنا بكم في ملف المقاومة، لأنه يقع منَّا في موقع القلب والروح والعقل على السواء… سنبقى درع المقاومة، لكن من اليوم وصاعدًا سوف ننتقدكم في الملفات التي أسلفت، لأنها باتت كما المقاومة مصيرية بالنسبة لنا… فاعذرونا.

Print Friendly, PDF & Email
Share