صورة الإسرائيلي الذليل والمنبوذ.
يكرِّسها الشباب العربي خلال مونديال قطر.
والتطبيع مع العدو إلى الوراء دُرّ.
===============
كتب: مالك حلاوي.
===============
صحيح أن قطر كانت في طليعة الأنظمة العربية التي فتحت باب التطبيع مع العدو على الساحة الخليجية، لكن ما حصل في الآونة الأخيرة مع ما سُميَّ بصفقة القرن واتفاقيات إبراهام من ترويج لتقبّل الشعب العربي، بعد الحكام، لفكرة التطبيع، خصوصًا مع سلوك العديد من الكيانات الخليجية من البحرين إلى الإمارات مسارًا تطبيعيًّا من نوع آخر، لم نعهده بعد عقود من معاهدة السلام المصرية-الإسرائيلية، والتي لم تخرج عن كونها مجرد معاهدة بين كيانين أو سلطتين لم يعترف المواطن بأبسط بنودها، لا بل كان التطبيع كلمة مرفوضة لدى المصريين عن بكرة أبيهم، والأهم أن الدولة هناك لم تسع مطلقًا لفرض الرأي على مواطنيها، بل على العكس فإن الأنشطة الثقافية والفنية والاجتماعية المعادية للعدو تصاعدت وتيرتها تحت بصر وسمع السلطة الأمنية.. ، وبرعاية نقابية قلَّ نظيرها.
على العكس رأينا في الخليج محاولات حثيثة لفرض هذا التطبيع على الشعب باعتبار العدو لا يريد تكرار تجربة مصر. من هنا شاهدنا الكثير من المبادرات الشاذَّة شعبيًا والتي كانت توحي بالعشق المتبادل لهذا العدو، لكن بوجود إعلام مرتهن ومرتبط بالأنظمة ومن خلفها بالعدو، جرى الإيحاء من خلاله بنسيان العرب (جيل الشباب في طليعتهم) وفي مقدمهم عرب الخليج للقضية الفلسطينية، وانغماسهم في كل أنواع التطبيع الإعلامي والثقافي والمجتمعي مع العدو، تماشيًا مع التطبيع لا بل التحالف الأمني للسلطة مع هذا العدو…
إلى أن جاء “مونديال قطر22” وانكشف المستور من هذا التضليل الحكومي والإعلامي على السواء، وكان أول من شعر بهذه الصدمة إعلام العدو، الذي حضر إلى قطر وهو يتصوّر أن الوقت قد حان لينقل لمستوطنيه صورة “عشق” الشارع العربي للاندماج في اتفاقيات التطبيع التي صاغها حكامه مع حكامهم…
إن الصورة التي صدمت إعلام العدو والإعلام الغربي على السواء، لا يمكن الإنكار بأنها فاجأت ولو بدرجة ما الشعب والحكام العرب، وكان علم فلسطين هو شارة التفاؤل العربي بأمة لن تنسى قضيتها المركزية التي ما تزال بضمير كل عربي، من أقصى مشرقه إلى مغربه مرورًا بخليجه، الأكثر حرصًا على قضية هذه الأمة منذ كانت النكبة إلى اليوم.
إن صورة الإسرائيلي الذليل والمنبوذ التي شاهدناها في ساحات المونديال، وبالأخص المراسلين الذين نقلوا لوسائلهم صورة واضحة عن هذا الإذلال الذي تعرضوا له، ليس من خلال رفض التعامل معهم في التغطية للمونديال من قبل الجمهور العربي فحسب بل في سيارات التاكسي، وفي المطاعم وغير ذلك هذه الصورة ستبقى خير دليل في أذهان الصهاينة أنه لا مكان لهم في هذا المحيط العربي، وأنه ليس أمامهم سوى العودة من حيث أتوا، إن لم يكن اليوم ففي الغد القريب، وهذا ما كرَّسه الشعب العربي اليوم، وما كانت المقاومة قد وضعت أسسه من لبنان إلى فلسطين، بعيدًا عن الوهم الذي حاولت الأنظمة خلقه من خلال التطبيع الذي سقط بالضربة القاضية، حيث لم يتوان الإعلام الغربي نفسه عن التبني لأكثر من شعار عربي على غرار: مونديال قطر “فلسطين واحد إسرائيل صفر” و”إصابة التطبيع بمقتل” في مونديال قطر وغيره من الشعارات التي راجت خلال المونديال وكلها تصب في خانة الإذلال للعدو الصهيوني.