“يوسف” اللبناني ألقى سلاحه في البحر.
ليعطي أملًا في عدم تحوّل الفساد إلى حالة سرطانية.
=============
كتب: مالك حلاوي.
=============
جرى ليل أمس الثلاثاء افتتاح فيلم «يوسف» للمخرج اللبناني كاظم فياض، عن سيناريو له كتابة حسين حيدر (بطل الفيلم) وعلي منصور ــ إنتاج «بلو هاوس فيلمز» للصحفي الاستقصائي في جريدة “الأخبار” رضوان مرتضى، والفيلم كما هو معلوم يعود تاريخ إنتاجه للعام 2020-2021، حيث حصد العديد من الجوائز في منافسات سينمائية عالمية كان آخرها بلوغه التصفيات العشر النهائية في الدورة السادسة عشر من «مهرجان جنيف الدولي للأفلام الشرقية» من بين 500 فيلم.
حفل الافتتاح الذي جرى في إحدى صالات بيروت جمع فنانين وإعلاميين ومهتمين غصت بهم قاعة الاستقبال، حيث جرت لقاءات تعارف وتصريحات للعاملين في الفيلم من ممثلين وتقنيين.
الفيلم هو الأول للمخرج كاظم فياض كفيلم روائي طويل، والذي قال عن فيلمه:
- إنه نتاج عملية بحث عن صنّاعه هوية سينمائية أصيلة تحاكي البيئة المعاشة.
وبالفعل استطاع الفيلم العزف بنجاح على وتيرة “الهوية اللبنانية”، في وقت نعاني كثيرًا ومنذ بدايات السينما اللبنانية من جهل الكثيرين بتصنيف “الفيلم اللبناني”، في حين نكون أمام أفلام مخرجها، وربما كل العاملين فيها، يحملون الهوية اللبنانية، بينما ما نشاهده على الشاشة عبارة عن فيلم وتركيبة وأحداث أميركية أو إيطالية أو مصرية ربما، ولكن بصورة مشوَّهة…
حكاية “يوسف إبراهيم”، في هذا الفيلم تنطلق من أزمة نفسيَّة يعانيها الشاب، ولدى رؤيتي لبداية إدخالنا كمشاهدين في طبيعة هذه الحالة، بدأت خشيتي بألَّا يكون مستنسخًا عن أحد أفلام الممثل المصري أحمد حلمي، أو أكثر من فيلم له فهو سبق أن قدَّم رواية تكرار أحد الأيام من أيام حياته في أحد أفلامه (التي تنحى إلى الجانب النفسي- الفصامي) ليعود وفي فيلم آخر ليقدِّم لنا فيلمًا يعاني فيه من اختلاط أحلامه بالواقع… لكن مع توالي الأحداث في فيلم “يوسف” الذي يعيش أحداثًا متوازية- متناقضة، يختلط فيها الحلم بالواقع، وفي سياق هذه الأحداث تناسيت حلمي وفيلميه، وتابعت مسارًا لبنانيًّا لفيلم لم يحاول أبدًا “الفلسفة أو التفلسف علينا” رغم موضوعه الذي يبدو “نخبويًا” لكنه في الحقيقة “فيلم للشارع” اللبناني كما هو، مع اختلاط العامل السوري في كل تفاصيله (هذا حالنا منذ بداية الحرب على سوريا) حيث تتشارك المافيات من هنا وهناك بتجارة السلاح (المشتركة أو المتنافسة) إلى جانب الشراكة في العمالة في المقهى أو المطعم أو الدكان…
ولأن صُنّاع الفيلم كما بدا واضحًا لي هم بالفعل (رغم حداثة تجربتهم في الفيلم الروائي) ليسوا من أصحاب الشعارات والخطابات “الوطنجية أو العروبية أو المجتمعية أيضًا” سارت أحداث الفيلم في سياقها الشعبي وكان المطلوب أن نعيش حياة هذه البيئة بما فيها من هموم تفوق بكثير هموم “يوسف ابراهيم” ومعاناته النفسية، إلى معاناة بلد ووطن يمزقه الفساد بكل أنواعه وليس السلاح والمتاجرة به إلا نقطة في بحر هذا الفساد، لكنها النقطة الأساس في أحداث “يوسف” من هنا جاءت الخاتمة السريعة بإلقاء السلاح في البحر وخروج المجموعة من انغماسها في لعبة الفساد هذه، وأكاد أعذر المخرج ومعه صُنَّاع الفيلم من “تهمة” كوننا أمام نهاية من نهايات سالف الذكر “أبو ملحم” لسرعة مرور هذا المشاهد في السياق العام ولضرورتها في إيجاد “الهدف” من صياغة كل هذه الأحداث، بما فيها من إرباك للمشاهد بين الواقع والحلم أو بين العودة بالزمن ليوم أو أيام “الفلاش باك” وبين الحاضر وبين من مات فعلًا أو من وقع عليه الموت بحكم “هلوسات” نفسية للبطل (يوسف).
في الخلاصة وحول الفكرة هذه تحديدًا أجد أن الفيلم أراد من خطوته الرمزية (وأؤكد رمزيتها) ليس مجرد إلقاء السلاح في البحر، بل الإيحاء بأمل في أن نستطيع إلقاء فسادنا في البحر قبل أن يتحوَّل إلى حالة سرطانية عاصية على الاستئصال، عسى ولَعلَّ.
الفيلم وإلى جانب حسين حيدر بدور “يوسف” جمع عددًا من الشبان الجدد إلى جانب قلَّة من المخضرمين، أتقن الأوائل اللعبة وقدموا شخصياتهم بلغة الشارع وتفاعلاته وبنجاح كبير ومن بينهم: محمد فوعاني وإياد نور الدين، بينما بقي حسن فرحات سيدًا في مجال أدواره رغم تكرارها بأكثر من عمل، وهذا بحكم الشخصية التي بات المخرجون يحصرونه فيها، وكذا فعل فياض، تمامًا كما هي الحال مع اللبنانية ختام اللحام والسوري فايز قزق. أما وسام صبَّاغ فكان عنصرًا ملفتًا بشخصية أستاذ علم النفس والمعالج النفسي…
أمواج في تغطية سابقة للفيلم.
http://www.amwagenews.com/?p=44463